اليوم الدولي للتغطية الصحية الشاملة

اليوم الدولي للتغطية الصحية الشاملة

كتب : عاطف طلب

 يُعَدُّ يوم التغطية الصحية الشاملة يومًا رسميًّا من أيام الأمم المتحدة، ويُصادف الذكرى السنوية لإصدار قرار بالإجماع قبل سبع سنوات باعتماد التغطية الصحية الشاملة، بوصفها عنصرًا أساسيًّا من عناصر التنمية الدولية. 

ويُقام يوم التغطية الصحية الشاملة هذا العام تحت شعار «لنشيِّد العالم الذي نصبو إليه: من أجل مستقبل ينعم فيه الجميع بالصحة»، ويتيح هذا اليوم المجال للدعوة إلى التغطية الصحية الشاملة والإشادة بالدور المهم الذي تضطلع به الرعاية الصحية الأولية في تحقيق التغطية الصحية الشاملة وضمان الأمن الصحي. ‏ويأتي احتفالنا هذا في توقيت حرج تسعى فيه البُلدان إلى إعادة بناء نُظُمها الصحية المتعطلة جرَّاء جائحة كوفيد-19‎. 

وتعني التغطية الصحية الشاملة حصول جميع الأفراد والمجتمعات على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها من دون أن يعانوا ضائقة مالية. ويشمل ذلك جميع الخدمات الصحية الأساسية الجيدة في جميع مراحل العمر، بدءًا من تعزيز الصحة وصولًا إلى الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل والرعاية الملطِّفة. ويعني ذلك أيضًا جعل تلك الخدمات متاحة بسهولة لجميع المحتاجين إليها، وجعلها في متناولهم من الناحيتين الجغرافية والمالية.

وتمثِّل جائحة كوفيد-19 والصراعات وتغير المناخ تحديات إضافية تواجه الجهود الرامية إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة في الوقت الحالي. فقد كشفت جائحة كوفيد-19 عمَّا يعتري نُظُمنا الصحية والاجتماعية والاقتصادية من ضعف. ويشهد نصف جميع بُلدان الإقليم أيضًا صراعات ممتدة وأزمات إنسانية. فقد أبلغت ثمانية بلدان عن تفشِّي الكوليرا والإسهال المائي الحاد بها. وتؤدي الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات في باكستان والجفاف في القرن الأفريقي، إلى حدوث موجة من الجوع الحاد والأزمات الصحية. 

وقد التزم كل بلد في الإقليم بتحقيق التغطية الصحية الشاملة. وتعهدت البُلدان في عام 2015 بتحقيق التغطية الصحية الشاملة في إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وأقرَّت في عام 2018 إعلان صلالة بشأن التغطية الصحية الشاملة، وإعلان أستانا بشأن الرعاية الصحية الأولية. كما أن النهوض بالتغطية الصحية الشاملة يأتي في صميم رؤية منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، وهي الصحة للجميع وبالجميع.

إن الصحة حق أصيل من حقوق الإنسان تقع على عاتقنا جميعًا مسؤولية الوفاء به. وخلال جائحة

كوفيد-19، استشعر الجميع -الأفراد والمجتمعات والقطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني وغيرهم- أهمية التكاتف من أجل صون صحة مجتمعاتنا وتعزيزها. 

وتُعد الرعاية الصحية الأولية الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة، لتقريب خدمات الصحة والعافية من الأفراد والمجتمعات. وتعني إعادة توجيه النُّظُم الصحية نحو نَهج الرعاية الصحية الأولية المشاركة في العمل المتعدد القطاعات، وضمان المشاركة المجتمعية، وزيادة الإتاحة المنصفة للخدمات الصحية الجيدة، وتعزيز وظائف الصحة العامة. 

وفي تشرين الأول/ أكتوبر من هذا العام، اعتمدت اللجنة الإقليمية، وهي الهيئة الرئاسية الرائدة لمنظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، سبع أولويات إقليمية للنهوض بالتغطية الصحية الشاملة وضمان الأمن الصحي، ودَعَت جميع بلدان الإقليم إلى اتخاذ إجراءات في تلك المجالات ذات الأولوية. 

وتستضيف منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع اجتماعًا مهمًّا يلتقي فيه خبراء وشركاء وجهات مانحة من الإقليم ومن العالم، ومسؤولون من حكومات شتى في الإقليم للمشاركة في مجموعة من الأنشطة. وتؤكِّد هذه الأنشطة على نهج الرعاية الصحية الأولية باعتباره الركيزة الأولى لتعزيز النُّظم الصحية، من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي.  

ونأمل أن نتكاتف معًا من أجل تحديد أكثر النهوج المُسندة بالبيِّنات فعالية في ضوء الأولويات الإقليمية السبع، لإعادة صياغة النُّظُم الصحية وزيادة الاستثمار المالي في الصحة والعافية. ويتيح الاجتماع الإقليمي فرصة مهمة للتحضير لاجتماع الأمم المتحدة الثاني الرفيع المستوى بشأن التغطية الصحية الشاملة، المقرر عقده في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2023. ولكن الأهم من ذلك أنه خطوة أساسية في مسعانا الجماعي نحو بناء عالم يتمتع فيه الجميع في كل مكان بمستقبل صحي.