بيان من المدير الإقليمي حول الاحتياجات الصحية في سوريا

بيان من المدير الإقليمي حول الاحتياجات الصحية في سوريا
البيان

 

أسعد الله صباحكم بكل خير، وأحييكم من دمشق.

 

خلال الأيام الثلاثة الماضية في زيارتي هنا في دمشق ومحافظة درعا، لمست بنفسي الآثار المدمرة للحرب وعدم الاستقرار الاقتصادي والعقوبات على السوريين الأبرياء الذين ما زالت حالتهم الصحية في تدهور حتى الآن.

 

وفي درعا، التي كانت في وقت من الأوقات مسرحًا لقتال ضارٍ وما تزال أجزاء منها مدمرة، التقيت بسيدة مسنة تخضع للعلاج بالديال الكلوي، وقد انفجرت في البكاء وهي تتحدث معي عن حالتها الصحية وعن المصير الذي حل ببلدها. ووسط دموعها، التفتت إلي وسألتني: "ما الذي جرى لنا؟"

 

وكان السؤال صعبًا، ولم أستطع الإجابة.

 

وما يزال السوريون الذين نجوا من ويلات الحرب معرضين لفاشيات الأمراض الفتاكة، مثل الكوليرا المتفشية حاليًا في 6 محافظات والتي أودت حتى الآن بحياة 23 شخص وأصابت 253 آخرين بالعدوى. كما تتزايد أيضًا حالات الإصابة بداء الليشمانيات في جميع أنحاء البلاد.

 

واليوم، يعاني أكثر من 20 ألف طفل دون سن الخامسة في جميع أنحاء سوريا من سوء التغذية، ومنهم 1500 طفل معرضون لخطر الإصابة بمضاعفات طبية. ولا يرضى إنسان أن يقف أي أب أو أم مكتوف اليدين وابنه أمامه يعاني، ولكن خلال الأيام الثلاثة الماضية التقيت بأمهات أنهكتهن الظروف وأطفالهن يعالجون من المضاعفات الطبية لسوء التغذية، ومنها أمراض الجهاز التنفسي والإسهال الدموي نتيجة ضعف المناعة.

 

وفي دمشق، أخبرني الأطباء أنهم يكافحون للعمل في ظل قلة الإمدادات والمعدات الطبية بسبب العقوبات المفروضة على البلاد. وقد تُركت المعدات الطبية المعطلة، مثل أجهزة التصوير المقطعي المُحوسَب والتصوير بالرنين المغناطيسي، بدون أي استفادة منها بسبب تعذر استيراد قطع الغيار اللازمة لإصلاحها من الموردين الدوليين بسبب العقوبات.

 

ونحن، في منظمة الصحة العالمية، نؤكد مرارًا وتكرارًا على أن الرعاية الصحية حق أساسي من حقوق الإنسان لجميع الناس في كل مكان. ولكن في سوريا، فإن الواقع الأليم هو أننا لا نستطيع ضمان صحة الأبرياء لأن هناك عوامل أخرى تعيقنا وهي:

 

- انعدام اﻷمن السياسي والذي يؤثر في الصحة العامة.

- العقوبات التي تؤثر في الصحة العامة.

- عدم الاستقرار الاقتصادي الذي يؤثر في الصحة العامة.

- نقص الوقود والمياه والكهرباء والذي يؤثر في الصحة العامة.

 

‏وما لم نواجه جذور هذه الأزمة الصحية فإن قدرتنا على التصرف ستظل محدودة، وستكون النتيجة ترك الملايين في سوريا بدون الدعم الذي يحتاجون إليه للبقاء والتعافي وإعادة بناء بلدهم‎.

 

وفي ضوء رؤية منظمة الصحة العالمية للإقليم "الصحة للجميع وبالجميع"، فإننا ندعو المجتمع الدولي للتضامن والتحرك لإعطاء الشعب السوري فرصة لحياة كريمة يتمتع فيها بالصحة والعافية.