طبيعة  الأخلاق

طبيعة  الأخلاق
الأخلاق

   بقلم /  مصطفي جمال عبد المجيد                                           

                                           

كلمة أخلاق اليوم أصبحت هلامية لا معني لها من كثره تناولها , كل مجتمع وكل مفكر بل الفرد العادي له مفهوم خاص به عن صاحبتنا الأخلاق، الجميع يفسرها من ركن زاويته حتي فقدنا الموضوعية فإننا أمام أزمة في الأخلاق، لذا ينبغي علينا طرح تلك الاشكالية علي نحو جديد من أجل الوصول الي هوية الأخلاق .

 

معني الأخلاق يكمن في  مجموعه الأفعال والسلوكيات التي تعبر عن حقيقه الفرد وطبيعته , هذه                                                           السلوكيات اما أن تكون سلبيه أو ايجابيه , الأن  نحن أمام موقفان حول مسألة طبيعة الأخلاق .

الموقف الأول : الأخلاق مطلقه ثابته .

الموقف المضاد : الأخلاق نسبيه متغيره .

( 1 ) : أنصار الموقف الأول يقروا بأن الأخلاق ثابته لا تتغير مهما طرأ عليها الزمان ومنهم  أفلاطون الفيلسوف الاغريقي  وهو أكثر الفلاسفة إيماناً بالعقل  يقول : الانسان يمتلك العقل، والعقل ثابت اذا الأخلاق ثابته أيضا وذلك لأن الانسان حينما ينتهج مجموعه سلوكيات معينه يتفق عليها بالعقل أولا لذا هي ثابته، ولكننا نستطيع الرد عليه كالآتي ( الطفل اثناء مرحله النمو يكتسب أخلاق مختلفة من الواقع اذا هناك مصدر أخر للأخلاق غير العقل ) ما هو مصدر أخلاق الطفل ؟

 نجد الفيلسوف الألماني إمانويل  كانط يؤكد علي أن أخلاق الفرد ترجع الي المبدأ الذي نشأ عليه , فان البيئة الأولي هي التي تضع ثوابت أخلاقية للفرد سواء كان سلوك سلبي أو ايجابي  ( شخص نشأ علي الكرم اذا سيصبح كريم طوال حياته ) , ولكن ما يعاب علي كانط هو أن الفرد يمكنه تغيير المبدأ في لحظه ما لأي سبب من الأسباب ولن يستطيع الثبات علي مبدأه طوال الوقت , حيث سعي كانط لوضع قواعد أخلاقية عامه وثابته يسير عليها البشر بهدف تنظيم السلوك الانساني .

نتطرق الي أراء أخري تؤيد أن الأخلاق مطلقه ومنهم المعتزلة هي  فرقه كلامية اسلاميه , يروا الأخلاق في  تقديم العقل عن النقل , النقل هو  القرآن والسنه بحيث نجد مجتمعات غربيه لا تعرف الشريعة ولكنها شعوب تتقن العمل وهذه قيمه أخلاقية عليا مستمده من العقل وليس النقل .

( 2 ) : أنصار الموقف المضاد يحملوا شعار الأخلاق نسبيه متغيره ومنهم القديم والحديث ينقسموا الي اتجاهات  عديده مختلفة كل منهم يبرهن بالحجج علي نسبيه السلوك الانساني , نجد أبيقور فيلسوف اللذة والألم يقر بأن سلوك الفرد يتغير لأن اللذة تتحكم به ,  التسامح فعل أخلاقي ينتج عن الشعور باللذة  لأن الشخص المتسامح  يدرك جيدا بالخسارة التي يتعرض لها اذا عارك شخص أقوي منه اذا فعل التسامح باعتباره قيمه أخلاقية ليس الا نتاج اللذة والألم عند أخينا أبيقور , بينما أبيقور قد جرد الانسان من كل معاني الإنسانية وجعله مثل الحيوان الذي يتحكم فيه مجموعه من اللذات فان الانسان يمتلك العقل اذا اللذة ليست مصدر للأخلاق .

علي الجانب الأخر من قال بالنفعية ومنهم فريدريك نيتشه وجيرمي بنثام , نيتشه الذي ثار علي  كل القيم والثوابت وقام بزعزعتها وردها الي مبدأ المنفعة وقال أن الفعل الأخلاقي مستمد مما هو لا أخلاقي , بمعني أن الفرد يقدم علي فعل الخير أو الفضيلة بهدف المصلحة الشخصية , وذلك نراه في الانتخابات حين يتغير سلوك المرشح بعد الحصول علي المنصب الذي يريده , حتي القيم الأخلاقية كالأمانة والصدق في نظر نيتشه بنيت علي قيمه غير أخلاقية ألا وهي النفع , مما  أدي الي دخول الفكر المعاصر في مرحله التشكك مما يسمي بعصر الاشتباه .

وهناك الاجتماعي دور كايم الذي قال بأن المجتمع متغير وينعكس هذا التغير علي الأخلاق ويتحكم بها فنجد الأخلاق متغيره من شعب الي شعب أخر بسبب تغير الثقافات والعادات من مجتمع لأخر , فان المجتمع يرغمنا علي مجموعه سلوكيات معينه ينبغي علي الانسان أن ينتهجها وكأنه مثل الشطرنج ليس لديه أي قوه في الخروج من تلك القولبة الاجتماعية , حتي جاء الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر محاولا بفكره الوجودي أن يعطي للإنسان حريه اختيار الفعل الأخلاقي أو لا أخلاقي , فان الانسان يفعل ما يشاء لأن الأخلاق مستمده من حريه واراده فرديه , بينما يترتب علي ذلك فوضي في الأخلاق بين البشر .

 

في الأخير وبعد عرض أراء عديده حول اشكاليه الأخلاق , يمكننا القول بأن الانسان كائن دينامي لديه تنوع في الصيغ الاجتماعية مما يؤدي الي نبذ الثبات والميل الي التغير دائما من عصر الي عصر ومن جيل الي جيل ونلاحظ هذا في تغير الأخلاق في المسيحية من العصور الوسطي عن الأن , لذا الأخلاق ليست استاتيكية كما يزعموا البعض ولكنها تحمل في طياتها كل مقومات التغير لأن الانسان بطبعه ثوريا متمردا .

الأخلاق تحمل شئ من الثبات متمثل في  القانون وهو نظام أخلاقي ثابت بهدف الحفاظ علي كيان الدولة  بينما أخلاق الفرد متغيره بتغير متطلبات الحياه اليومية ,  والمبادئ أصبحت مجال للسخرية ,  الأخلاق اليوم أشبه بتأسيس اليوتوبيا علي أطراف الغابة .